عالمنا العربي وللأسف مليء بالشعارات، متناقض في الأطروحات، متصارع في القناعات، متذبذب في الغايات، متفاوت في التوجهات! وسبب ذلك أن أغلب الشعارات البراقة المرفوعة مدعومة بسيل جارف، وقوى لا ترحم من الإعلانات والدعايات المكثفة والمسلفنة بأحلى الأشكال.
وفي إحدى القنوات السينمائية العربية شعار يقول: "عينك ما تسيب الشاشة"!والمقصود بهذا الشعار طبعاً المساكين من شبابنا وشاباتنا بل وحى عجايزنا!"
عينك ما تسيب الشاشة، على لقطات ساخنة، وموسيقى صاخبة، ورقصات ساحرة، ومغامرات جديدة، وإبداعات خطيرة... "وعينك ما تسيب الشاشة"!
هذه القطعة الصغيرة في الجسم التي لا تساوي حجم الأنملة في الأصبع الواحدة، ووزنها لا يزيد عن حبة الفول، ومنطقة المشاهدة منها لا تتجاوز حبة الحمص!ومع هذا وذاك فهي موقدة النار، وساحرة الأجيال، ومكمن الداء، وأس البلاء.هي الجنة والجحيم، هي العفاف والزنا، وفي الحديث "العينان تزنيان وزناهما النظر".كم أسقطت من شريف، وأزلت من عفيف، وزيفت من عقول، وأحرقت من قلوب، وهيجت من نفوس، وفرقت من جموع، وخدعت من شيوخ، وضيعت من حقوق، وخربت من بيوت، وأربكت خلقاً وأناسي كثيراً!
ولو كان في "موسوعة جينس" أرباب حِجى لكتبوا عن مدمني الشاشات الساعات والساعات التي حملتها الأيام والليالي!"عينك ما تسيب الشاشة" تحدي سافر، وهدف واضح، واستراتيجية مقننة لمن أراد أن يفهم أو لا يفهم.
وبلغة الإدارة هناك رسالة ورؤية وأهداف ووسائل!الرسالة: عينك ما تسيب الشاشة، والرؤية كل فيلم سينمائي جديد وبلا تحفظ، والهدف مخاطبة جارحة العين الصغيرة، والوسائل تبادل القبلات، وضم الصدور، ومقابلة العيون، وحوار الأرواح، "ورقصني يا جدع"، و"والسح الدح مبو"، و"شخبط شخابيط"، ..! وعشرات الآلاف من الوسائل متى ما وجد هذا الإنسان الذي إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل!
وكنت منذ زمن طويل أقول: يا ترى من هذا الإنسان مهما أوتي من مال وقدرة ودهاء وخبث الذي يفسد في كل الأرض.وعندما رأيت أناساً يعصون الله نهاراً وجهاراً بجوار الحرم، وفي أكواخ المنازل، وفي صناديق الصحراء، وفي لحظة واحدة، وقد اجتمعوا على منظر واحد، بسبب برنامج فضائي، فهمت الأمر تماماً ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا ).
والعجيب أن القرآن أخبر أن المفسد يهلك الحرث والنسل.وهذا المفسد ما انطلقت شرارة فساده إلا من العين!حقاً لقد ذهب الحياء، وذبلت المروءة، وانتفت الحشمة، وقل الأدب، وفتر الضمير، وغاب الرقيب!وأصبح هؤلاء كالكوز مجخياً لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً. لا تؤلمهم الجراحات، ولا النكسات، ولا تخيفهم العقبات والويلات، ولا تردعهم الحوادث والوفيات.ولم يستطيعوا أن يخرجوا من هذه المتع المزيفة، ولم يجدوا لحظة يتفكروا فيها في مصيرهم، وسوء أفعالهم، وشناعة نتائجهم، لأن البركة في "الشاشة التي ما تسيبها عينك"، والبركة في المسلمين والعرب الذين مولوها، ودعموها، وشاركوا في إعلاناتها، وأرسلوا من جوالاتهم رسائل حب وافتخار، وتركوها في بيوتهم تشخمط على عقولهم وقلوبهم شخاميط لا تمحوها الأيام إلا ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ). وحينها ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ).
لماذا كلَّما هبت ريح ألقينا ريشنا؟لماذا كلَّما نعق ناعق، واستبد فاجر، وجد دعمنا وأموالنا؟لماذا كلَّما فُتحت قناة غنائية أو سينمائية انضمت إليها أختها؟لماذا أصبحت هذه القنوات بنوكاً يمتلكها أحد الفنانين أو من أصحاب مزايين الإبل؟والجواب: لأنها موَّلت من جيوبنا نحن المسلمين وجيوب أبنائنا ونسائنا وفتياتنا، وهؤلاء هل خرجوا من المريخ، أو تخرجوا من هوليود، أو عملوا في الكونجرس؟إنهم ربما يكونون لا سمح الله إبني أو ابنك، أو جاري أو جارك، أو صديقي أو صديقك، أو قريـبي أو قريبك.وما ثمَّة طريق لإصلاح هذه النفس إلا بالعودة إلى الله، واستشعار مراقبته، والإيمان المطلق أن من غضَّ بصره عن الحرام أبدله الله حلاوة يجدها قي قلبه، ومن لم يصن نفسه، كثرت آهاته، وطالت حسراته ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ).
المصدر: موقع الدكتور على بن حمزة العمرى
التسميات: معاً ضد الإباحية |
السلام عليكم / تقبل الله أخى أعمالك ، فعلاً هذا الإعلام جعل الكثير من الشباب يألفون المعاصى والميوعة والإباحية ولا ينكرونها ، حسبنا الله ونعم الوكيل .