
كثيرة هي رسائل الجوال التي تصلنا، ولكن القليل منها هو ما ينفعنا، لكن أريد أن أطرح بين أيديكم رسالةً (جوالية) وصلتني، أحسب أنها لا تخلو من نفعٍ وفائدة، وبما أننا بصدد استقبال أيام الإمتحانات التي يحتاج فيها كل طالبٍ إلى مزيد تخطيط وترتيب، وحسن استعداد، لكي يبدع ويتألق بإذن الله؛ فقد وصلتنى رسالة تقول: (يحتاج الطالب لكي يذاكر جيداً إلى: صفاء ذهن وتركيز، وصفاء الذهن يتأتى بكثرة الاستغفار، أما التركيز فبمداومة الخشوع في الصلاة).
الحقيقة يا أحبابي أني أمعنت مراراً في هذه الرسالة، ودققت النظر فيها، وأدرت جهازى وقلبته، وكررت قراءتها بكل طريقة يمكن أن تُقرأ بها، واسمحوا لي أن أصدقكم فأقول أنني وجدتها ومن وجهة نظري محتوية على نسبة ليست بالقليلة من الصواب، هذا رأيي ولكم أن تصوبوني إن أخطأت..
ومفهوم الرسالة يتمركز حول نقطتين رئيستين، أما أولاهما: فهي جلب صفاء الذهن أثناء المذاكرة بالاستغفار والتوبة، والثانية جلب التركيز في المذاكرة بالخشوع في الصلاة.
فلنتناول سوياً كل واحدة على حدة: ما علاقة الاستغفار يا ترى بتحقق صفاء الذهن؟!! إننا والله يا إخوتي الكرام قوم غطَّت علينا ذنوبنا، وأثقلتنا سيئاتنا، لا نتبصر لحالنا، ولا نفطن لوضعنا، حتى غلب ذلك علينا الفينة تلو الآخرى ، فقدنا الطعم الحقيقي للحياة، فقدنا بهجة النفس، وسمو الروح، وانشراح الصدر، ونقاء العقل، وهكذا صفاء الذهن لا يكاد يخلو يومنا بل ساعتنا من عصيان لله، واقتراف لحدود الله، غفر الله لى ولكم ، والمؤمن المتعلق بربه، المقبل عليه، المجتنب لحدوده؛ يعيش أروع حياة وأحلاها، وأجملها وأصفاها، حياة خالية من الأكدار والأحزان، والآلام والهموم، لسان حاله يقول:
لما علمت بأن قلبي فارغ *** مما سواك ملأته بهداك وملأت كلي منك حتى لم أدع *** مني مكاناً خالياً لسواك
ونـحن إن أردنا أن نصل لهذا، فعليننا أن نجدد توبتنا، وأن ننطرح بين يدي مولانا تائبين نادمين، ومن الذنوب مستغفرين، أستغفر الله العظيم، أتوب إلى المولى الكريم، لنرددها دوماً، في ليلنا ونهارنا، وحلنا وترحالنا، وفي كل أوضاعنا، ألا نرى إمامنا وسيدنا صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة؟!! فهل نفعل نـحن المذنبون ذلك؟؟ .. فإذا استغفر المرء ربَّه، وعلم مولاه صدق نيته، ونقاء سريرته أزال ذنوبه ومحى آثامه، والنفس بلا ذنوب نفسٌ مؤمنة نقيةٌ ، تعلقت بربها الرحمن، فصفى ذهنها، وسمت روحها، وصلحت حياتها.
والنقطة الأخرى أحبابي هي التركيز أثناء المذاكرة نـحصل عليه بالخشوع في الصلاة، وهل الخشوع إلا تركيز في الطاعة وإتقان للعبادة؟!!، بل هو التركيز فى أفضل معانيه وأشرف صوره، إنه الذي جعل الرجل المصلِّي تبتر ساقه دون أن يشعر، وآخر يصلي وهو في ثغره يحرس المسلمين فيصاب بسهم تلو سهم، ينزعها واحداً واحداً مستمراً في صلاته لأنه كان يتلو سورة يحبها فما استطاع أن يقطعها، إنه الخشوع المطلق يا إخوان، هذا الذي يجعل المرء مع الله يتأمل في كل آية، ويعيش كل حرف، يذكر الجنة فيستبشر، ويذكر النار فإذا بدمعة رقراقةٍ تذرف فمن الذنب يستغفر، هذا هو الخشوع، إنه والله أجل معاني التركيز.. ألا ترون أننا إن حققناه في أنفسنا، وجاهدنا لتحقيقه فإن مولانا سيعيننا على كل تركيز دونه؛ في مذكراتنا وعملنا وفي كل أمرنا.
نقطة لا بد منها: نـحن لن نعبد الله يوماً لنستطيع أن نذاكر جيداً فحسب، ولكننا نعبد الله حباً فيه سبحانه، واستجابة لأمره وتركاً لنهيه ورغبة في جنته، وخوفاً من عذابه، وشكراً على نعمته، فإن فعلنا ذلك فهو الكريمُ الكفيلُ بأن يسبغ علينا من فيض كرامته، ونور رحمته، وقبس هدايته، فإذا بكل شؤون حياتنا تتيسر من حيث لا ندري، غفر الله لي ولكم، وأعانني وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته. أرجو ان يكون قد حالفنى الصواب فيما ذكرت ....جزاكم الله خيرا ...واعذرونى لغيابى عنكم فى تلك الفترة.
التسميات: إشراقات |
الأخ الفاضل
السلام عليكم
روشتة علاجية رائعة لما نعانيه من إنشغال الذهن بتوافه الأمور الدنيوية التى لا طائل منها غير الهم والحزن وعدم التركيز
بارك الله فيك وجعله فى ميزان حسناتك
ومتابع معك إن شاء الله
دمت بكل الخير